تملك منطقة اللجاة الواقعة في جنوب سورية سمة خاصة في طبيعتها وتاريخها وتقاليدها.
وماتزال مناطقها حتى اليوم تتفرد وتحتفظ بسماتها الفطرية , وقد أثارت اللجاة اهتمام الباحثين على مستويات عدة وإن لم تكن بالكم الذي تستحقه المنطقة , وكانت صحيفة الثورة أول صحيفة تدخل إلى المنطقة ولاسيما المناطق التي ماتزال محافظة على فطريتها , وكان ذلك في مطلع الثمانينات عبر سلسلة تحقيقات كتبها صدر الدين الماغوط , وفي مرحلة لاحقة صور المخرج رياض شيا فيلما بعنوان اللجاة أعطاها جانبا من حقها ودهش المشاهدون باللغة البصرية المستندة إلى الطبيعة الرومانسية التي تتميز بها اللجاة , ومنذ سنوات صور فيها المخرج محمد عزيزية مسلسلا بعنوان( الشوكة السوداء) ركز فيها على الجانب الاجتماعي ولكن موقع التصوير لفت نظر المشاهدين , ومنذ أيام انتهى المخرج طلال محمود من تصوير مسلسل تلفزيوني عن معاناة سكان المنطقة في الأربعينات .
ربما كانت هذه المقدمة طويلة ولكن وجدتها مناسبة للحديث عن كتاب ذو أهمية ,جديد عن المنطقة بعنوان ( منطقة اللجاة الوعرة ) دراسة تاريخية أثرية للباحث نورس مرعي حسن , وهو من أبناء اللجاة .
ومن الظلم للكتاب عرض مضمون أبحاثه أو اجتزاء فقرات منه لعرضها , لذلك رأيت من المناسب استعراض عناوين فصوله لإعطاء فكرة عن محتواه .
جاء الكتاب في سبعة فصول تحدث في الأول عن الموقع والمساحة والبنية الجيولوجية والمناخ والنبات , وفي الثاني عن السكان والحضارات المتعاقبة على المنطقة من عصور اليونان والأنباط و الرومان والبيزنطيين والغساسنة والقبائل العربية التي جاءت إليها بعد تحريرها من الروم.وفي الفصل الثالث حديث عن الفنون المعمارية والنحت والزخارف والأبنية ووظائفها واللوحات والنقوش ,وخصص الفصل الرابع للحديث عن شبكات الطرق الداخلية والخارجية وعقدة المواصلات في بصرى , وكان الفصل الخامس عن المدافن والعبادات والمواقع الأثرية الهامة وأبراج المراقبة والوحدات العسكرية الرومانية , ووضح المؤلف في الفصل السادس تقسيمات الأراضي وعشائر البدو ,واللجاة عندما كانت تابعة للولاية العربية الرومانية , والأبحاث التي رصدت السكان والقبائل , وفي الفصل الأخير تحدث المؤلف عن القبائل العربية واصلها التبدي وقبائل البدو العربية فيها والدور الوطني الحديث لأهلها وأهم من كتب عن البدو وبحث في حياتهم وعاش معهم , وتحدث عن مشاهيرها وثورة 1916.وأثبت في نهاية الكتاب ملحقا ضم عددا من الخرائط والصور الخاصة بالكتاب .
يتحدث المؤلف عن عمله فيذكر أنه توخى الحذر الشديد ليأتي بدراسة وصفية وبذل جهده ليكون أمينا وصادقا وموضوعيا في نقل وتصوير كل ما شاهده خلال بحثه الذي دام عدة سنوات , ومن يعرف المنطقة ويقرأ الكتاب يدرك أن الباحث حقق هدفه
ويعرف الباحث اللجاة بأنها مثلث بركاني طول ضلعه نحو خمسين كيلو مترا, وتعني تسميتها في اليونانية تراخونيس ( الأرض الوعرة) وفي الكنعانية ( أرجوب ) .
وسكن فيها الإنسان منذ الألف السابع قبل الميلاد في موقع قرية متونة ولبوة وأرثه ( عريقة ) وفي القرن السابع قبل الميلاد كانت قبيلة فيدرا في الجهة الشرقية من اللجاة تقاوم تقدم الآشوريين .
وازدهرت اللجاة في العصرين اليوناني والروماني , فشقت الطرقات وبنيت أبراج المراقبة, وفي عهد تراجان وهارديان وماك أوريل قامت المعابد والقصور والأديرة والكاتدرائيات .
ويعتبر هواء اللجاة من أنقى النسمات العليلة للاصطياف , ووضعت الجيوش في ( فانا ) التي تدعى الآن ( المسمية ) لحماية بصرى ومنع المخربين وقطاع الطرق من الإخلال بالأمن , وبنيت استراحات الفرسان وخانات الخيول .
وبنيت أكثر من سبع وسبعين قرية ومدينة على محيط المنطقة وفي وسطها منها شهبا ومسيكة وخبب وبراق وازرع والصورة والهيت والمسمية وشعارة وداما وسورا وعريقة .
وخرج من اللجاة الإمبراطور الذي حكم روما يدعى فيليب العربي عام 244ميلادية , وعدد من الفلاسفة والفقهاء مثل ابن كثير وابن قيم الجوزية .
ولعل من المؤشرات الهامة في الكتاب ما ذكره المؤلف عن دور لعبة اليهود في تأليب الرومان على سكان المنطقة , وبلغ الاضطهاد ذروته في عهد الإمبراطور اليهودي الروماني هيرودوس حيث قام بأعمال حربية ضد سكانها بحجة أنهم من قطاع الطرق , بينما في الحقيقة التاريخية ان المنطقة لعبت دورا مهما في حراسة القوافل التجارية , كما أن المنطقة أنجبت الإمبراطور الروماني ( فيليب العربي ) , و أجد من المناسب ذكر عدد من مشاهير المنطقة ومنهم فايز زعل الغصين وكان أحد أعضاء الجمعية العربية السرية ولعب دورا مهما خلال الثورة العربية وكان مستشارا للشريف حسين , والشيخ طلال سعد الدين الذي قاد عددا من المعارك ضد المستعمر الفرنسي .
ومن الواضح أن البحث اتسم بالعمق والشمول, وامتلك مؤلفه صفات الدأب والمتابعة ليكون مؤلفه أول كتاب خاص باللجاة , وأعتقد أن كل ما سيكتب بعده سيكون عالة على هذا المؤلف
وماتزال مناطقها حتى اليوم تتفرد وتحتفظ بسماتها الفطرية , وقد أثارت اللجاة اهتمام الباحثين على مستويات عدة وإن لم تكن بالكم الذي تستحقه المنطقة , وكانت صحيفة الثورة أول صحيفة تدخل إلى المنطقة ولاسيما المناطق التي ماتزال محافظة على فطريتها , وكان ذلك في مطلع الثمانينات عبر سلسلة تحقيقات كتبها صدر الدين الماغوط , وفي مرحلة لاحقة صور المخرج رياض شيا فيلما بعنوان اللجاة أعطاها جانبا من حقها ودهش المشاهدون باللغة البصرية المستندة إلى الطبيعة الرومانسية التي تتميز بها اللجاة , ومنذ سنوات صور فيها المخرج محمد عزيزية مسلسلا بعنوان( الشوكة السوداء) ركز فيها على الجانب الاجتماعي ولكن موقع التصوير لفت نظر المشاهدين , ومنذ أيام انتهى المخرج طلال محمود من تصوير مسلسل تلفزيوني عن معاناة سكان المنطقة في الأربعينات .
ربما كانت هذه المقدمة طويلة ولكن وجدتها مناسبة للحديث عن كتاب ذو أهمية ,جديد عن المنطقة بعنوان ( منطقة اللجاة الوعرة ) دراسة تاريخية أثرية للباحث نورس مرعي حسن , وهو من أبناء اللجاة .
ومن الظلم للكتاب عرض مضمون أبحاثه أو اجتزاء فقرات منه لعرضها , لذلك رأيت من المناسب استعراض عناوين فصوله لإعطاء فكرة عن محتواه .
جاء الكتاب في سبعة فصول تحدث في الأول عن الموقع والمساحة والبنية الجيولوجية والمناخ والنبات , وفي الثاني عن السكان والحضارات المتعاقبة على المنطقة من عصور اليونان والأنباط و الرومان والبيزنطيين والغساسنة والقبائل العربية التي جاءت إليها بعد تحريرها من الروم.وفي الفصل الثالث حديث عن الفنون المعمارية والنحت والزخارف والأبنية ووظائفها واللوحات والنقوش ,وخصص الفصل الرابع للحديث عن شبكات الطرق الداخلية والخارجية وعقدة المواصلات في بصرى , وكان الفصل الخامس عن المدافن والعبادات والمواقع الأثرية الهامة وأبراج المراقبة والوحدات العسكرية الرومانية , ووضح المؤلف في الفصل السادس تقسيمات الأراضي وعشائر البدو ,واللجاة عندما كانت تابعة للولاية العربية الرومانية , والأبحاث التي رصدت السكان والقبائل , وفي الفصل الأخير تحدث المؤلف عن القبائل العربية واصلها التبدي وقبائل البدو العربية فيها والدور الوطني الحديث لأهلها وأهم من كتب عن البدو وبحث في حياتهم وعاش معهم , وتحدث عن مشاهيرها وثورة 1916.وأثبت في نهاية الكتاب ملحقا ضم عددا من الخرائط والصور الخاصة بالكتاب .
يتحدث المؤلف عن عمله فيذكر أنه توخى الحذر الشديد ليأتي بدراسة وصفية وبذل جهده ليكون أمينا وصادقا وموضوعيا في نقل وتصوير كل ما شاهده خلال بحثه الذي دام عدة سنوات , ومن يعرف المنطقة ويقرأ الكتاب يدرك أن الباحث حقق هدفه
ويعرف الباحث اللجاة بأنها مثلث بركاني طول ضلعه نحو خمسين كيلو مترا, وتعني تسميتها في اليونانية تراخونيس ( الأرض الوعرة) وفي الكنعانية ( أرجوب ) .
وسكن فيها الإنسان منذ الألف السابع قبل الميلاد في موقع قرية متونة ولبوة وأرثه ( عريقة ) وفي القرن السابع قبل الميلاد كانت قبيلة فيدرا في الجهة الشرقية من اللجاة تقاوم تقدم الآشوريين .
وازدهرت اللجاة في العصرين اليوناني والروماني , فشقت الطرقات وبنيت أبراج المراقبة, وفي عهد تراجان وهارديان وماك أوريل قامت المعابد والقصور والأديرة والكاتدرائيات .
ويعتبر هواء اللجاة من أنقى النسمات العليلة للاصطياف , ووضعت الجيوش في ( فانا ) التي تدعى الآن ( المسمية ) لحماية بصرى ومنع المخربين وقطاع الطرق من الإخلال بالأمن , وبنيت استراحات الفرسان وخانات الخيول .
وبنيت أكثر من سبع وسبعين قرية ومدينة على محيط المنطقة وفي وسطها منها شهبا ومسيكة وخبب وبراق وازرع والصورة والهيت والمسمية وشعارة وداما وسورا وعريقة .
وخرج من اللجاة الإمبراطور الذي حكم روما يدعى فيليب العربي عام 244ميلادية , وعدد من الفلاسفة والفقهاء مثل ابن كثير وابن قيم الجوزية .
ولعل من المؤشرات الهامة في الكتاب ما ذكره المؤلف عن دور لعبة اليهود في تأليب الرومان على سكان المنطقة , وبلغ الاضطهاد ذروته في عهد الإمبراطور اليهودي الروماني هيرودوس حيث قام بأعمال حربية ضد سكانها بحجة أنهم من قطاع الطرق , بينما في الحقيقة التاريخية ان المنطقة لعبت دورا مهما في حراسة القوافل التجارية , كما أن المنطقة أنجبت الإمبراطور الروماني ( فيليب العربي ) , و أجد من المناسب ذكر عدد من مشاهير المنطقة ومنهم فايز زعل الغصين وكان أحد أعضاء الجمعية العربية السرية ولعب دورا مهما خلال الثورة العربية وكان مستشارا للشريف حسين , والشيخ طلال سعد الدين الذي قاد عددا من المعارك ضد المستعمر الفرنسي .
ومن الواضح أن البحث اتسم بالعمق والشمول, وامتلك مؤلفه صفات الدأب والمتابعة ليكون مؤلفه أول كتاب خاص باللجاة , وأعتقد أن كل ما سيكتب بعده سيكون عالة على هذا المؤلف
