عندما قام الرحالة "بيرك هاردد" برحلته الثانية في "حوران" و"جبل العرب" على طريق "وادي اللوا" وذلك بين عامي 1810 ـ 1812 وجد بين قرى "اللجاة" أن قريتي"أم الزيتون" و"خلخلة" مسكونتان نسبياً، أما "المتونة" فكانت عبارة عن خربة مهجورة لا يوجد فيها إلا بعض "مشاتل العرب"، فبالرغم من أنها قد سكنت قديماً وورد اسمها في حوليات الملوك الآشوريين التي تعود إلى القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد،
تاريخ الخربة قديمة والمدافن بجانبها يكشف أنها تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد، إلا أنها هجرت فترة من الزمن لتعود إليها الحياة في عام 1858 م.
تتربع قرية "المتونة" شرق منطقة "اللجاة" فوق الصخور البازلتية عند الحد الفاصل بين صخور "اللجاة" والأراضي السهلية، تقع إلى الشمال من مدينة "شهبا" وعلى بعد 10 كم وترتفع عن سطح البحر 848 متر.
موقع eSuweda أثناء زيارته للقرية التقى الأستاذ "صايل عامر" الأستاذ في التاريخ والباحث في تاريخ الحضارات القديمة، والمشارك أيضاً مع بعثة الآثار في أعمال التنقيب في القرية وذلك بين عامي 1984 ـ 1985 مع الدكتور "ميشيل مقدسي" مدير الآثار في سورية، وقد حدثنا عن تاريخ القرية قائلاً: «تعد قرية "المتونة" جزء هاماً من عدة قرى وخرائب موجودة على طول "وادي اللوا" منذ العصور التاريخية القديمة، وقد ورد اسمها في حوليات الآشوريين في القرنين السابع والثامن قبل الميلاد أيام الملك "تغلات بلاسر" عندما هاجم فلسطين لتحريرها من السيطرة العبرية، وورد اسمها أيضاً في كتاب (الطبوغرافية التاريخية لسورية) للعالم الفرنسي الدكتور "دوسوه" عام 1927 .
ومعالمها الأثرية الباقية والمباني التي لازال معظمها سليماً تعود لكل الفترات الحضارية التي تعاقبت على المنطقة من عثماني ومملوكي وأيوبي وهناك بعض الكنائس البيزنطية والآثار الرومانية واليونانية، أي من الفترة السلوقية النبطية حتى عصر البرونز
الوسيط الثاني بين 1500 و 2000 قبل الميلاد».
أما عن سبب تسمية القرية بهذا الاسم؟ أجاب: «جاءت التسمية من "متن": بالمكان أي أقام، ومتن الرجل أي ذهب في الأرض، و"المتونة" جمع امتان، والمتون ما صلب بالأرض وارتفع قليلاً، ومتن الطريق أي جادة الطريق أو وسط الطريق، ويقال: سار متن النهار، أي كل النهار، هذا من الناحية اللغوية، وهناك تسمية أخرى على خارطة لجبل "حوران" وهي "امتونة".
سكنت القرية حديثاً في عام 1858 وأول من سكنها "بشير ظاهر حمود عامر" قادمين من قرية "أم الزيتون" التي سكنها "حمود" بعد قدومه من "دير حينة" عام 1805 م، ثم توافدت الأسر من لبنان وقرى "الجولان" ليكونوا اللبنة الأولى لسكان القرية الذين بلغ عددهم عام 1925 حوالي 350 نسمة، شاركت القرية في فترات النضال ضد الاستعمار وأول ما قدمت من الشهداء الشهيد "مزيد عامر" الذي اصدر حكم الإعدام بحقه "سامي باشا الفاروقي" في 13 آذار عام 1911 مع مجموعة من رفاقه وهم "حمد المغوش" من "خلخلة" و"ذوقان الأطرش" من "القريا" و"يحيى عامر" من "شهبا" و"محمد القلعاني من "شقا" و"هزاع عز الدين" من قرية "لاهثة"، واستشهد شقيق الشهيد "مزيد" الشهيد "شبلي عامر" في الحرب ضد العثمانيين، وأيام النضال ضد الاحتلال الفرنسي قدمت القرية أحد عشر شهيداً، كما قدمت القرية عدداً من الشهداء
في سبيل القضية الفلسطينية وهم: الشهيد "ناصر الجمال" والأستاذ "توفيق العطار" و"رفيق مراد"».
الأستاذ "نبيه الهادي" رئيس بلدية "أم الزيتون" تحدث لموقعنا عن الواقع الخدمي في القرية قائلاً: «تبلغ مساحة المخطط التنظيمي في القرية 250 هكتار، ومساحة الأراضي الزراعية 15 ألف دونم منها 520 دونم مغروسة بالأشجار المثمرة وأهمها الزيتون واللوزيات والعنب والتين، يعمل معظم سكان القرية الذي يبلغ عددهم 2642 نسمة بالزراعة، ومنهم من يعمل في بلاد الاغتراب، يوجد في القرية مدرستين حلقة أولى وحلقة ثانية ومركز صحي ومبنى وحدة إرشادية لصنع السجاد لكنه غير مستثمر حالياً، عدد الآبار الارتوازية في القرية بئر واحد ويوجد بئر زراعي يخدم القرية بمياه الشرب».
وعن الخدمات التي تقدمها البلدية وأهم ما نفذ في القرية؟ أضاف: «تقوم البلدية بالأعمال الاعتيادية من شق طرق وتعبيد وتزفيت وأعمال نظافة في القرى الثلاثة التي تتبع لها "أم الزيتون" و"السويمرة" و"المتونة"، هذا بالإضافة إلى الصيانة الدورية لشبكة الانارة والهاتف، يبلغ طول شبكة الطرق في قرية "المتونة" 22 كم، وفي كل عام مشروع تعبيد وتزفيت طرقات والطرق الزراعية الموجودة في القرية معبدة عددها ثلاث طرق وهي: طريق "دير شعير"، وطريق "الهيات" وطريق "رقة الخزنة" وهناك طرق متفرعة عنها استحدثت حديثاً مشقوقة وتحتاج للتعبيد.
في عام 2009 قامت البلدية بتنفيذ عبارات عند مدخل القرية في منطقة
تقاطع الوادي مع الطريق العام، طريق "دمشق ـ السويداء" الذي يمر من منتصف القرية، مما أدى إلى فتح مدخل جديد للقرية ليصبح عدد مداخلها ثلاثة جنوبي وفي الوسط وفي الشمال».
وبالنسبة للصعوبات التي تعاني منها القرية؟ أجاب: «هناك مشكلة في تصريف زيت الزيتون لدى الفلاحين في القرية كما في كثير من القرى حيث بلغ انتاج القرية هذا العام ما يزيد عن 32 ألف كيلو زيت، مع العلم أن زيت محافظة "السويداء" من أفضل أنواع زيت الزيتون».